ما أودعوه من الكتاب وائتمنوا عليه وطلب منهم أنبياؤهم حفظه، كالعهد الذي أخذه موسى بأمر الله على شيوخ بنى إسرائيل بعد أن كتب التوراة أن يحفظوها ولا يحيدوا عنها.
ويروى عن أمير المؤمنين على كرم الله وجهه أنه قال: أنا ربانى هذه الأمة،
وأطلق لقب حبر الأمة فى الإسلام على ابن عباس رضى الله عنهما، وأطلق لقب الرباني على علىّ المرتضى عليه الرحمة.
وقال ابن جرير: الربانيون جمع ربانى وهم العلماء الحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم، والأحبار جمع حبر وهو العالم المحكم للشىء اه.
(وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) أي وكان السلف الصالح منهم رقباء على الكتاب وعلى من تحدّثه نفسه العبث به كما فعل عبد الله بن سلام فى مسألة الرجم، لا كما فعل الخلف من كتمان بعض أحكامه اتباعا للهوى، أو خوفا من أشرافهم إن أقاموا عليهم حدوده، وطمعا فى صلاتهم إذا هم حابوهم.
ومما كتموه صفة النبي صلى الله عليه وسلم والبشارة به.
ثم خاطب الله تعالى رؤساء اليهود الذين كانوا زمن التنزيل لا يخافون الله فى الكتمان والتبديل بعد أن قص سيرة السلف الصالح من بنى إسرائيل لعلهم يعتبرون ويرعوون عن غيّهم فقال:
(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) أي وإذا كان الحال كما ذكر أيها الأحبار ولا شك أنكم لا تنكرونه كما تنكرون غيره مما قصه الله على رسوله من سير أسلافهم- فلا تخشوا الناس فتكتموا ما عندكم من الكتاب خشية أحد، أو طمعا فى منفعة عاجلة منه، واخشوني واقتدوا بمن كان قبلكم من الربانيين والأحبار واحفظوا التوراة ولا تعدلوا عن ذلك، فإن النفع والضر بيدي.
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا) أي ولا تتركوا بيانها للناس والعمل بها لقاء منفعة دنيوية قليلة تأخذونها من الناس كرشوة أو جاه أو غيرهما من الحظوظ العاجلة التي تصدكم