ومن يعاديهم من اليهود والنصارى، أو بأمر من عنده فى هؤلاء المنافقين كفضيحتهم أو الإيقاع بهم، فيصبحوا نادمين على ما كتموه وأضمروه فى أنفسهم من اتخاذ الأولياء على المؤمنين، وتوقع الدوائر عليهم.
والفتح: إما فتح مكة الذي كان به ظهور الإسلام والثقة بقوته وإنجاز الله وعده لرسوله، وإما فتح بلاد اليهود فى الحجاز كخيبر وغيرها، والأمر إما الإيقاع باليهود وإجلاؤهم عن موطنهم وإخراجهم من حصونهم وصياصيهم، وإما القهر والإيجاف عليهم بالخيل والركاب كبنى قريظة، وإما بإلقاء الرعب فى قلوبهم حتى يعطوا بأيديهم كبنى النّضير، وإما ضرب الجزية على اليهود والنصارى فينقطع أمل المنافقين ويندمون على ما كان من إسرارهم بالولاء لهم.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ؟) أي ويقول بعض المؤمنين لبعض متعجبين من حال المنافقين، إذا أقسموا بأغلظ الأيمان لهم إنهم معكم وإنهم معاضدوكم على أعدائكم اليهود، فلما حل بهم ما حل أظهروا ما كانوا يسرّونه من موالاتهم وممالأتهم على المؤمنين كما قال فى سورة براءة «وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ» أي فهم لفرقهم وخوفهم يظهرون الإسلام تقيّة.
(حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) أي ويقول المؤمنون: حبطت أعمالهم التي كانوا يتكلفونها نفاقا كالصلاة والصوم والجهاد معنا ليقنعونا بأنهم منا، فخسروا بذلك ما كانوا يرجون لها من أجر وثواب لو صلحت حالهم وقوى إيمانهم.
وفى هاتين الآيتين إخبار بالغيب، وقد صدق الله وعده، وخذل الكافرين، وفضح المنافقين، والعاقبة للمتقين، ولكن أنّى لهم أن يعتبروا بمثل هذا؟ «وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ» .