(وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ) إلى البقرة المأمور بذبحها، أو لما خفى من أمر القاتل، أو إلى الحكمة التي من أجلها أمرنا،
وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قال:«لو لم يستثنوا ويقولوا إن شاء الله لما تبينت لهم آخر الأبد» .
(قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) أي إنها بقرة لم تذلّل بالعمل في الحراثة والسقي، وهى سالمة من العيوب، ولا لون فيها غير الصفرة الفاقعة.
(قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) أي إنك الآن أظهرت حقيقة ما أمرنا به بعد ذكر هذه المميزات التي ذكرتها لنا.
(فَذَبَحُوها) أي فطلبوا البقرة الحاوية لكل الأوصاف السالفة، حتى وجدوها فذبحوها.
(وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وما قاربوا أن يذبحوها إلا بعد أن انتهت أسئلتهم، وانقطع ما كان من تنطعهم وتعنتهم.
والخلاصة- فذبحوها بعد توقف وبطء، روى ابن جرير عن ابن عباس:
«لو ذبحوا أىّ بقرة أرادوا لأجزأتهم، ولكن شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم» .
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) هذا مؤخر لفظا مقدم معنى، لأنه أول القصة- أي وإذ قتلتم نفسا وأتيتم موسى وسألتموه أن يدعو الله تعالى، فقال موسى إن الله يأمركم إلى آخر الآيات ولم يقدم لفظا، لأن الغرض إنما هو ذبح البقرة للكشف عن القاتل، وأسند القتل إلى اليهود المعاصرين للنبى صلى الله عليه وسلم لأنهم سلائل أولئك، وهم راضون بفعلهم، كما أسنده إلى الأمة والقاتل واحد، لأن الأمة في مجموعها كالشخص الواحد، فيؤخذ المجموع بجريرة الواحد كما قال أبو الطيب: