(لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) أي يوقظكم ويرسلكم لكسب أرزاقكم وأقواتكم، ومناجاة إلهكم وخالقكم، لأجل أن يقضى وينفذ الأجل المسمى الذي فى علمه تعالى لكل فرد منكم، فإن لأعماركم آجالا مقدرة مكتوبة لا بد من قضائها وإتمامها.
(ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) أي ثم إليه رجوعكم إذا انقضت آجالكم ومتم.
(ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي ثم يخبركم بما كنتم تعملون فى حياتكم الدنيا ويجازيكم بذلك إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
والقادر على البعث من توفى النوم قادر على البعث من توفى الموت.
وفى ذكر الأجل المسمى والرجوع إلى الله تعالى لأجل الحساب والجزاء إيماء إلى تأييد ما تقدم من حكمة تأخير ما كان يستعجله مشركو مكة من وعيد الله لهم ووعده لرسله بالنصر عليهم وبيان عذاب الآخرة فوق ما أنذروا به من عذاب الدنيا، فمن لم يدركه العذاب الأول لم يفلت من الثاني.
وبعد أن أبان سبحانه أمر الموت والرجوع إلى الله للحساب والجزاء، ذكر قهره لعباده وإرسال الحفظة لإحصاء أعمالهم وكتابتها عليهم فقال:
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) أي إنه تعالى هو الغالب خلقه العالي عليهم بقدرته وسلطانه، لا المقهورون من الأوثان والأصنام، المغلوبون على أمرهم، ويرسل عليكم حفظة من الملائكة يتعاقبونكم ليلا ونهارا يحفظون أعمالكم ويحصونها، ولا يفرّطون فى حفظها وإحصائها. ولا يضيعون شيئا منها.
وإرسال الحفظة عليهم مراقبهم لهم وإحصاء أعمالهم وكتابتها وحفظها فى الصحف التي تنشر يوم الحساب، وهى المرادة بقوله تعالى «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ» .
وهؤلاء الحفظة الملائكة الذين قال الله تعالى فيهم «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» ونحن نؤمن بهذه الكتابة ولا نعرف صفتها ولا نتحكم فيها بآرائنا.