(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي خلقه خلقا ولم يلده ولادة كما زعمتم، فما افتريتم واخترعتم له من الولد، فإنما هو مخلوق له لا مولود منه- وجاءت هذه الجملة مقررة لإنكار نفى الولد، ودليلا بعد دليل على ذلك.
(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي إن علمه بكل شىء ذاتى له، ولا يعلم كل شىء إلا الخالق لكل شىء، ولو كان له ولد لكان هو أعلم به، ولهدى العقول إليه بآيات الوحى ودلائل العلم، لكنه كذب الذين افتروا عليه ذلك كذبا بلا علم مؤيد بوحي ولا دليل عقلى.
والخلاصة- إنه تعالى نفى عن نفسه الولد بوجوه:
(١) إن من مبدعاته السموات والأرضين، وهى مبرأة من الولادة لاستمرارها وطول مدتها.
(٢) إن العادة قد جرت بأن الولد يتوالد من ذكر وأنثى متجانسين، والله تعالى منزه عن المجانسة لشىء.
(٣) إن الولد كفء للوالد، والله لا كفء له، لأن كل ما عداه فهو مخلوق له لا يكافئه، ولأن علمه ذاتى ولا كذلك غيره.
(ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ) الخطاب موجه إلى المشركين الذين أقيمت عليهم الحجة، والإشارة إلى الله المنزه عن كل ما يصفونه به، المتصف بما وصف به نفسه من الإبداع، أي ذلكم الذي شأنه ما ذكر هو الله ربكم لا من خرقوا له من الأولاد، وأشركوا به من الأنداد، فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا، لا إله إلا هو خالق كل شىء، وما عداه مخلوق له يجب أن يعبد خالقه، فكيف يعبده من مثله ويتخذه إلها.
(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي وهو مع تلك الصفات الجليلة الشأن متولّ جميع الأمور، يدبر ملكه بعلمه وحكمته، فيرزق عباده ويكلؤهم بالليل والنهار سرا وعلانية.