سجين آثامه، فجزاؤه النار خالدا فيها أبدا لما اقترف من أسبابها بانغماسه في الشهوات التي استوجبت ذلك العقاب.
والمراد بالسيئة هنا الشرك بالله، وصاحبه مخلد في النار، وبعض العلماء حمل السيئة على معناها العام، وقال إن الخلود هنا المكث الطويل بمقدار ما يشاء الله، فالعاصى مرتكب الكبائر يمكث فيها ردحا من الزمان ثم يخرج منها متى أراد الله تعالى، وإذا أحدث المرء لكل سيئة توبة نصوحا، وإقلاعا صحيحا عن الذنب فلا تحيط به الخطايا، ولا ترين على قلبه السيئات،
روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله في القرآن:
(كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) » .
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي وأما الذين صدّقوا الله ورسله، وآمنوا باليوم الآخر وعملوا صالح الأعمال فأدّوا الواجبات، وانتهوا عن المعاصي فأولئك جديرون بدخول الجنة جزاء وفاقا على إخباتهم لربهم وإنابتهم إليه وإخلاصهم له في السرّ والعلن.
وفي هذا دليل على أن دخول الجنة منوط بالإيمان الصحيح والعمل الصالح معا، كما
روى «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسفيان بن عبد الله الثقفي، وقد قال له يا رسول الله. قل لى في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال: قل آمنت بالله، ثم استقم» رواه مسلم.
وقد جرت سنة الله في القرآن أن يشفع الوعد بالوعيد مراعاة لما تقتضيه الحكمة، وإرشاد العباد من الترغيب مرة والترهيب أخرى، والتبشير طورا والإنذار طورا آخر، إذ باللطف والقهر يرقى الإنسان إلى درجة الكمال، ويفوز برضوان الله وحسن توفيقه (وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) .