(وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) أي ومثل ذلك التزيين لقسمة القرابين من الحرث والأنعام بين الله والآلهة- زيّن لكثير من المشركين شركاؤهم- سدنة الآلهة وخدمها- أن يقتلوا أولادهم. وكان مصدر هذا التزيين وجوها مختلفة منها:
(١) اتقاء الفقر الحاصل أو المتوقع، وقد أشار سبحانه إلى الأول بقوله:
«وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» وأشار إلى الثاني بقوله:
(٢) اتقاء العار بوأد البنات أي بدفنهن وهن على قيد الحياة خشية أن يكنّ سببا للعار أو السباء إذا كبرن، أو خشية أن يقترن بأزواج دون آبائهن فى الشرف.
(٣) التدين بنحر الأولاد للآلهة تقربا إليها بنذر أو بغير نذر، فقد كان الرجل فى الجاهلية ينذر إن ولد له كذا غلاما لينحرنّ أحدهم كما حلف عبد المطلب فى قصص طويل
أشار إليه النبي صلّى الله عليه وسلم بقوله:«أنا ابن الذبيحين» .
وسمى الله المزينين لهم الشرك من شياطين الإنس كالسدنة، أو شياطين الجن شركاء وإن كانوا هم لم يسموهم لا آلهة ولا شركاء، لأنهم لما أطاعوهم طاعة إذعان وخضوع فى التحليل والتحريم ولا يكون ذلك إلا لله- سماهم كذلك كما قال:
وقد حذا كثير من المسلمين حذو هؤلاء فدعوا غير الله من الموتى تضرعا وخضوعا عند قبورهم مع التقرب إليهم بالصدفات وذبائح النسك، ولكنهم لا يسمون عبادتهم هذه شركا ولا عبادة، بل يسمونها توسلا (والأسماء لا تغير الحقائق والأعمال) فالدعاء والتضرع أدل على الحقائق من الأسماء والتأويلات.
ثم ذكر سبحانه علة تزيين المنكرات لهم فقال:
(لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) أي إنهم زينوا لهم هذه المنكرات ليهلكوهم