والمسكين كالمجاهد في سبيل الله (وأحسبه قال) وكالقائم لا يفتر، والصائم لا يفطر» .
وقد اليتيم على المسكين، لأن هذا يمكنه أن يسعي بنفسه للحصول على قوته، بخلاف الأول فإن الصغر مانع له من ذلك.
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) أمر الله أولا بالإحسان بالمال لأقوام مخصوصين، وهم الوالدان والأقربون واليتامى والمساكين، إذ لا يمكن الشخص أن يحسن به إلى الناس جميعا، لأنه لا يسع كل الأمة، ومن ثم اكتفى في حقوق سائر أفرادها بحسن العشرة والقول الجميل، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر ونحو ذلك مما هو نافع لهم فى الدين والدنيا.
وفي القيام بهذه الفرائض إصلاح لحال المجتمع وسعى في رقيه وتقدمه حتى يبلغ ذروة المجد والشرف.
وبعد أن أمرهم سبحانه بعبادته وحده على سبيل الإجمال، فصّل بعضا من ذلك مما لا يهتدى إليه إلا بهدى إلهى ووحي سماوى فقال:
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) لأن الصلاة هى التي تصلح النفوس وتنقيها من أدران الرذائل، وتحليها بأنواع الفضائل، وروحها هو الإخلاص لله والخشوع لعظمته وسلطانه، فإن فقدته كانت صورا ورسوما لا تغنى فتيلا، وهم ما تولّوا ولا أعرضوا عن تلك الصور والرسوم إلى عصر التنزيل، بل إلى يومنا هذا.
ثم الزكاة لما فيها من إصلاح شئون المجتمع، وقد كان لهم ضروب من الزكاة منها مال خاص يؤدى لآل هارون، وهو إلى الآن في اللاويين (سبط من أسباطهم) ومنها مال للمساكين، ومنها ما يؤخذ من ثمرات الأرض، ومنها سبت الأرض وهو تركها في كل سبع سنين مرة بلا حرث ولا زرع، وكل ما يخرج منها في تلك السنة فهو صدقة.
(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) أي ثم كان من أمركم أن توليتم عن العمل بالميثاق ورفضتموه وأنتم في حال الإعراض عنه وعدم الاهتمام بشأنه.