مذهبها ويظهرها على مخالفيها، ولا يهمها إثبات الحق وفهم النصوص، والحق لا يكون وقفا على عالم معين ولا على أتباعه، بل كل باحث يخطىء ويصيب، وذلك ما دل عليه العقل وأثبته الكتاب والسنة والإجماع.
ولما كان اتباع الصراط المستقيم وعدم التفرق فيه يجمع الكلمة ويعز أهل الحق كان التفرق فيه سبب ضعف المتفرقين وذلهم وضياع حقهم.
روى ابن جرير عن ابن عباس فى قوله:«وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ» قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما أهلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات.
(ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) التقوى اسم لكل ما يتقى من الضرر العام والخاص مهما يكن نوعه وقد ذكرت فى القرآن فى سياق الأوامر والنواهي المختلفة من عبادات ومعاملات وآداب وعشرة وزواج، وتفسر فى كل موضوع بما يناسبه.
أي ذلك الأمر باتباع صراط الحق المستقيم، والنهى عن سبل الضلالات والأباطيل، وصاكم ربكم به ليهيئكم لاتقاء كل ما يشقي ويردى فى الدنيا والآخرة، ويوصلكم إلى السعادة العظمى والحياة الصالحة.
وقال الرازي: ختمت الآية الأولى بقوله: لعلكم تعقلون، والثانية بقوله: لعلكم تذكرون، لأن القوم كانوا مستمرين على الشرك وقتل الأولاد وقربان الزنا وقتل النفس المحرمة بغير حق غير مستنكفين ولا عاقلين قبحها، فنهاهم سبحانه لعلهم يعقلون قبحها فيستنكفوا عنها ويتركوها، وأما حفظ أموال اليتامى عليهم وإيفاء الكيل والعدل فى القول والوفاء بالعهد فكانوا يفعلونه ويفتخرون بالاتصاف به، فأمرهم الله تعالى بذلك لعلهم يذكرون إن عرض لهم نسيان.
وقال أبو حيان: ولما كان الصراط المستقيم هو الجامع للتكاليف، وقد أمر