بها من الخزي والنكال- لعنت أختها فى الدين والملة، إذ هى قد ضلت باتباعها والاقتداء بها فى كفرها كما قال:«ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» .
والخلاصة- إن المشركين يلعنون المشركين، واليهود تلعن اليهود، والنصارى تلعن النصارى، وهكذا القول فى سائر الديانات الضالة كالمجوس والصابئة.
(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ: رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) اداركوا، أي تلاحقوا وأدرك بعضهم بعضا واستقر معه، وضعفا أي مثلا أي حتى إذا تتابعوا واجتمعوا كلهم فيها، قالت أخرى كل منهم وهم أتباعهم وسفلتهم لأولاهم منزلة وهم القادة والرؤساء: ربنا هؤلاء أضلونا عن الحق باتباعنا لهم وتقليدنا إياهم فيما كانوا عليه من أمر الدين وسائر أعمالنا، فأعطهم ضعفا من عذاب النار لإضلالهم إيانا فوق العذاب على ضلالهم فى أنفسهم حتى يكون عذابهم ضعفين:
ضعفا للضلال وضعفا للإضلال.
ومعنى قوله لأخراهم أي فى شأنهم ولأجل ضلالهم، وليس المراد أنهم ذكروا هذا القول لأولاهم، لأنهم ما خاطبوهم، بل خاطبوا الله جلت قدرته بهذا الكلام.
(قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) أي يقول الله تعالى لهم: لكل منهم ضعف من العذاب بإضلاله فوق عذابه على ضلاله، ولكنكم لا تعلمون عذابهم، فإن العذاب روحى ونفسى، والأول أنكى وأشد ألما، فالرئيس العزيز فى قومه إذا دخل السجن مع السّفلة وأوشاب الناس لا يكون ألمه كألمهم، وإن كان يشركهم فيما يأكلون ويشربون وفى جميع ما يعملون، إذ يشعر بعذاب النفس وقهر الذل مما لا يشعر به الآخرون، وإن كانوا يظنون أن عقوبتهما واحدة فى ألمها كما هى فى صورتها.