(وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) أي وعلى أعالى ذلك السور رجال يرون أهل الجنة وأهل النار جميعا قبل الدخول فيها، فيعرفون كلا منهما بسيماهم التي وصفهم الله بها فى نحو قوله:«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ. ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ. أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ» .
وهؤلاء الرجال هم طائفة من الموحدين قصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، جعلوا هناك حتى يقضى بين الناس، فبينماهم كذلك إذ يطلع عليهم ربهم فيقول: قوموا ادخلوا الجنة فإنى قد غفرت لكم، أخرجه أبو الشيخ والبيهقي وغيرهما عن حذيفة،
وفى رواية عنه:«يجمع الله الناس ثم يقول لأصحاب الأعراف: ما تنتظرون؟ قالوا ننتظر أمرك فيقال:
إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم فادخلوها بمغفرتى ورحمتى» .
(وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي ونادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة قائلين لهم: سلام عليكم، وهذا السلام إما تحية ودعاء وإما إخبار بالسلامة من المكروه والنجاة من العذاب، هذا إن كان قبل دخول الجنة، فإن كان بعدها فهو تحية خالصة تدخل فى عموم قوله تعالى «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً. إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً» .
(لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) أي نادوهم مسلّمين عليهم حال كونهم لم يدخلوها بعد وهم طامعون فى دخولها، لما بدا لهم من يسر الحساب.
وقد جاء فى الآثار أن الناس يكونون فى الموقف بين الخوف والرجاء، لا تطمئن قلوب أهل الجنة حتى يدخلوها.
روى أبو نعيم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لو نادى مناديا أهل الموقف ادخلوا النار إلا رجلا واحدا لرجوت أن أكون ذلك الرجل، ولو نادى.
دخلوا الجنة إلا رجلا واحدا لخشيت أن أكون ذلك الرجل.