وإذ كان الليل سترا ولباسا شرع فيه الجهر فى قراءة الصلاة- إلى أنه يطرد الوسواس، ويقاوم فتور النّعاس ويعين على تدبر القرآن، وبكاء الخشوع للرحمن، لدى المتهجدين فى خلواتهم.
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أي المتجاوزين ما أمروا به، ونحو الآية قوله:«تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» .
وللاعتداء فى الدعاء مظاهر شتى:
(١) اعتداء خاص بالألفاظ كالمبالغة فى رفع الصوت والتكلف فى صيغ الدعاء.
(٢) اعتداء خاص بالمعنى وهو طلب غير المشروع من وسائل المعاصي ومقاصدها كضرر العباد وطلب إبطال سنن الله فى الخلق، أو تبديلها كطلب النصر على الأعداء مع ترك وسائله كأنواع السلاح والعتاد، وطلب الغنى بلا كسب، وطلب المغفرة مع الإصرار على الذنب مع أن الله يقول «فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا. وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا» .
(٣) اعتداء بالتوجه فيه إلى غير الله ليشفع له عنده، وهذا شر أنواع الاعتداء كما قال «فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً» ومن طلب ذلك من غير الله فقد اتخذه إلها، لأن الإله هو المعبود كما
روى أحمد عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «الدعاء هو العبادة»
وروى الترمذي عن أنس مرفوعا «الدعاء مخ العبادة»
وروى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سلوا الله لى الوسيلة، قالوا وما الوسيلة؟ قال: القرب من الله عز وجل، ثم قرأ «يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ»
وابتغاء ذلك يكون بدعائه وعبادته بما شرعه على لسان رسوله دون غيره.
وقد جاءت آيات كثيرة فى الإنكار على المشركين دعاء غير الله وكونه عبادة له وشركا بالله، ولكن مدعى العلم الذين يقولون على الله: يقولون لا بأس بدعاء