الله تعالى وحده، إذ ليس لهم إله غيره يتوجهون إليه فى عبادتهم بدعاء يطلبون به ما لا يقدرون عليه بكسبهم، فرهم هو الخالق لكل شىء وبيده ملكوت كل شىء، وهو الإله الحق الذي يجب أن تتوجه إليه القلوب بالدعاء وغيره.
ثم ذكر السبب فى الأمر بعبادته وحده، وترك أدنى شوائب الشرك، مثبتا للبعث والجزاء فقال:
(إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي إنى أخاف عليكم عذاب يوم شديد هو له وهو يوم البعث والجزاء إذا لم تمتثلوا ما أمرتكم به.
(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي قال له أشراف قومه: إنا لنراك فى ضلال بيّن عن الحق بنهيك لنا عن عبادة آلهتنا: ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم شفعاؤنا عند الله ووسيلتنا إليه، فببركتهم يتقبّل منا صالح أعمالنا، ويعطينا سؤلنا، لما كانوا عليه من الصلاح والتقوى، ونحن لا نستطيع أن نوجه إليه دعواتنا دون وساطتهم، لما نجترحه من السيئات التي تبعدنا عن حظيرة ذلك القدس الأعظم.
وخلاصة مقالهم- أنت فى غمرة من الضلال أحاطت بك، فجعلتك لا تجد إلى الصواب سبيلا.
(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي قال نوح مجيبا لهم: يا قوم لم آمركم بما أمرتكم به من توحيد الله وإخلاص الطاعة له دون الآلهة والأنداد خروجا منى عن محجة الحق، وضلالا عن سبيل الرشاد، ولكنى رسول من رب العالمين إليكم، أهديكم باتباعى إلى ما يوصلكم إلى السعادة فى دنياكم وآخرتكم، وأنقذكم من الهلاك الأبدى بالشرك بالله والمعاصي المدنسة للأنفس والمفسدة للأرواح.
ومن رحمة ربكم بكم ألا يدعكم فى عمايتكم وشرككم الذي ابتدعتموه بجهلكم حتى يبين لكم الحق من الباطل على يد رسول من لدنه يسلك بكم السبيل السوي الموصل إلى النجاة.