(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي ليس بي أىّ ضلالة عن الحق والصواب كما تدّعون، ولكنى رسول من رب العالمين أرسلنى إليكم، لأبلغكم رسالات ربى وأؤديها إليكم، والله أعلم حيث يجعل رسالته، فلا يختار لها إلا من عرفوا برجحان العقل وحصافة الرأى وكمال الصدق.
ثم بين وظيفة الرسول وحاله عليه السلام فيما بلغ فقال:
(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) أي أبلغكم ما أرسلت به من التكاليف، وإنى ناصح لكم فيما أبلغكموه وأدعوكم إليه، أمين فيما أبلغ عن الله، فلا أكذب عليه فى وحيه إلىّ.
وفى إجابة هؤلاء الأنبياء لأقوامهم بتلك الإجابة الصادرة عن الحكمة والإغضاء عما قالوا من وصفهم إياهم بالسفاهة والضلالة- أدب حسن وخلق عظيم وتعليم لعباده كيف يقابلون السفهاء، وكيف يغضون عن قالة السوء التي تصدر عنهم.
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ؟) أي أكذّبتم وعجبتم أن أنزل ربكم وحيه بتذكيركم وعظتكم على ما أنتم عليه مقيمون من الضلالة على لسان رجل منكم لينذركم بأسه ويخوفكم عقابه؟
(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) أي واذكروا فضل الله عليكم ونعمته، إذ جعلكم ورثة قوم نوح وزادكم بسطة فى خلق أبدانكم- وقد كانوا طوال الأجسام أقوياء الأبدان- واتقوا الله فى أنفسكم واحذروا أن يحل بكم من العذاب مثل ما حل بهم، فيهلككم ويبدل منكم غيركم، سنته فيهم وقد جاء فى سورة هود والشعراء وفصلت ما يدل على ما كان لهم من قوة وجبروت وبطش شديد.
(فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي فاذكروا نعم الله وفضله عليكم، واشكروه على ذلك بإخلاص العبادة له وترك الإشراك به، وهجر الأوثان والأصنام