للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن عمّار بن ياسر في حرب صفّين قال:

غدا نلقى الأحبّه ... محمدا وصحبه

فإن لم تتمنوه، بل كنتم شديدى الحرص على هذه الحياة، فما أنتم بصادقى الإيمان.

وهذه حجة تنطبق على الناس عامة، فيجب على المسلمين أن يجعلوها ميزانا يزنون به دعواهم اليقين بالإيمان والقيام بحقوق الله، فإن ارتاحت نفوسهم لبذل أرواحهم فى سبيل الله والذّود عن الدين كانوا مؤمنين حقا، وإن ضنّوا بها وكانوا شديدى الحرص على الحياة إذا جدّ الحدّ ودعا الداعي كانوا بعكس ما يدّعون.

(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي ولن يقع منهم هذا التمني بحال، لأنهم يعرفون ما اجترحته أنفسهم من المعاصي والذنوب التي يستحقون بها العقوبة كتحريف التوراة، والكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم مع البشارة به في كتابهم.

والعرب تسند الفعل إلى الأيدى لأن أكثر الأعمال تزاول بها، ويجعلون المراد بها الشخص.

(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أي والله يعلم أنهم ظالمون في حكمهم بأن الدار الآخرة خالصة لهم، وأن غيرهم من الشعوب محروم منها.

ولا يخفى ما في هذا من التهديد والوعيد.

(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) أي إنهم يحبون الإخلاد إلى الأرض، ويعملون كل ما يوصلهم إلى البقاء فيها. فلا ثقة لهم بأنفسهم فيما يزعمون، وتلك سيرتهم فى كل زمان وإن كان الكلام مع من كان في عصر التنزيل.

وهكذا القرآن يرسل عليهم سيلا من الحجاج، فيشاغبون ويعاندون، اعتزازا بشعبهم، واغترارا بكتابهم.

(وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) أي إنهم أحرص من جميع الناس حتى من الذين أشركوا، وفي هذا توبيخ وإيلام عظيم لهم، إذ أن المشركين لا يؤمنون ببعث ولا يعرفون إلا هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>