للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا رسوله هو من له التصرف فى السموات والأرض وتدبير العالم كله، إذ وحدة النظام فى جملة المخلوقات وعدم التفاوت فيها دليل على وحدة مصدرها وتدبيرها، فهو المعبود وحده لا إله إلا هو.

وتوحيد الربوبية بالإيمان وتوحيد الألوهية بالإيمان والعمل: أي بعبادة الله وحده- هما أصل الدين والركن الأول فى العقيدة. والركن الثاني الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، والركن الثالث عقيدة البعث بعد الموت وهى تتضمن الإحياء والإماتة وتصرف الرب فى خلقه.

وقد بنى على تقرر هذه الأمور الثلاثة الدعوة إلى الإيمان فقال:

(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ) أي فآمنوا أيها الناس جميعا بالله الواحد فى ربوبيته وألوهيته الذي يحيى كل ما تحلّه الحياة ويميت كل ما يعرض له الموت بعد الحياة، وهذا أمر مشاهد كل يوم.

وآمنوا برسوله النبي الأمى الذي بعثه فى الأميين رسولا إلى الخلق أجمعين، يعلمهم الكتاب والحكمة ويطهرهم من خرافات الشرك والجهل والتفرق والتعادي ليكونوا بهدايته أمة واحدة يتحقق بها الإخاء البشرى العام، وقد بشر بهذا النبي الأنبياء صلوات الله عليهم، لأنه المتمم لما بعثوا به من هداية الناس.

(الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ) أي يؤمن بتوحيد الله وكلماته التشريعية التي أنزلها لهداية خلقه على ألسنة رسله وهى مظهر علمه ورحمته، وكلماته التكوينية التي هى مظهر إرادته وقدرته وحكمته.

وبعد أن أمرهم سبحانه بالإيمان أمرهم بالإسلام فقال:

(وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي واسلكوا طريقه، واقتفوا أثره فى كل ما يأتى وما يذر من أمور الدين رجاء اهتدائكم بالإيمان وباتباعه إلى ما فيه سعادتكم فى الدنيا والآخرة وتلك هى الثمرة التي تجنى منهما، فما آمن قوم بنبي إلا كانوا بعد الإيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>