أن اضرب بعصاك الحجر فضر به فنبعت منه عقب ضربه إياه اثنتا عشرة عينا من الماء بقدر عدد أسباطهم، وخص كل واحد بعين منها للزحام وحفظا للنظام.
وفى سفر العدد من التوراة أن عدد الرجال الصالحين للحرب من بنى إسرائيل كان يزيد على ستمانة ألف من ابن عشرين فما فوق وعلى هذا فيكون عددهم جميعا يزيد على ألفى ألف (مليونين) وابن خلدون قال فى مقدمته: إن هذا العدد لا يتصور بقاؤه فى صحراء مجدبة قليلة المياه بحال فلا ينبغى للمؤرخين اعتماد هذا.
كذلك ما ورد من حجم الحجر وشكله ككون رأسه كرأس الشاة أو أكبر وكونه يوضع فى الجوالق أو يحمل على ثور أو حمار فكل ذلك من الخرافات الإسرائيلية التي تلقاها المفسرون بالقبول على غرابتها.
(وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) أي وسخرنا لهم الغمام يلقى عليهم ظله فيقيهم لفح الشمس من حيث لا يحرمون فائدة نورها وحرها المعتدل، ولولا السحاب فى التيه لأحرقتهم حرارتها إذ لم يكن هناك من الشجر ما يستظلون به.
(وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) فسهلنا عليهم الطعام والشراب على أحسن الوجوه وكان المن يقوم مقام الخبز عندهم ويكفى الألوف من الناس، وتقوم السّمانى مقام اللحوم والطيور الأخرى.
(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) ، أي وأنزلنا عليهم ما ذكر قائلين لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم، وفى ذلك تنبيه وتذكير بما كان يجب عليهم من شكر هذه النعم.
(وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي وما ظلمونا بكفرهم بهذه النعم، بل ظلموا أنفسهم وأضروها بهذا الجحود والإنكار، وقد كان ذلك من دأبهم وعادتهم آنا بعد آن،
وقد جاء فى الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذرّ مرفوعا «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادى إنكم لن تبلغوا ضرّى فتضرونى، ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى» .