من تلقاء نفسك، وقد يكون المعنى: وإذا لم تأتهم بآية مما اقترحوا عليك قالوا: هلّا حباك الله بها بأن مكنك منها فاجتبيتها وأبرزتها لنا، إن كنت صادقا فى أن الله يقبل دعاءك ويجيب التماسك.
(قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) أي إنه ليس لى أن أقترح على ربى أمرا من الأمور، وإنما أنتظر الوحى، فكل شىء أكرمنى به قلته وإلا وجب علىّ السكوت وترك الاقتراح.
وفى معنى الآية قوله تعالى:«وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ» .
وقد يكون المعنى ما أنا بقادر على إيجاد الآيات الكونية ولا بمفتات على الله فى طلبها، وإنما أنا متبع لما يوحى إلىّ فضلا من ربى علىّ إذ جعلنى مبلّغا عنه.
وقد وصف الله تعالى القرآن بثلاثة أوصاف:
(١)(هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) بصائر أي حجج بينة وبراهين نيرة للعقول فى الدلالة على التوحيد والنبوة والمعاد: أي إن هذا القرآن الذي أوحاه الله إلىّ بصائر وحجج من ربكم، من يتأملها حق التأمل يكن بصير العقل بما تدل عليه من الحق، فهى أدل عليه مما تطلبون من الآيات الكونية.
(٢)(وَهُدىً) أي وهو هدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم.
(٣)(وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي ورحمة فى الدنيا والآخرة للذين يؤمنون به كما قال تعالى: «وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» .
وهذه الأوصاف له بالنسبة إلى معتنقيه، ذاك أن منهم من بلغ فى معارف التوحيد