خالفت سنته التي لا تبديل لها ولا تحويل أو خالفت هدى دينه المزكّى للأنفس المطهر للقلوب.
وهذا العقاب منه ما هو فى الدنيا وهو مطرد فى الأمم، وقد أصيبت به الأمة الإسلامية فى القرن الأول الذي كان أهله خير القرون بعده، إذ فصّروا فى درء الفتنة الأولى فعاقبهم الله عقابا شديدا على ذلك، ثم تسلسل العقاب فى كل جيل وقع فيه ذلك، ثم امتزجت الفتن المذهبية بالفتن السياسية على الملك والسلطان حتى دالت الخلافة التي تنافسوا فيها وتقاتلوا لأجلها.
وقد يقع هذا العقاب للأفراد لكنهم ربما لا يشعرون به، لأنه يقع تدريجيا فلا يكاد يحسّ به، وأما العقاب الأخروى فأمره إلى الله العالم بالسر والنجوى والذي جعل العقاب آثارا طبيعية للذنوب التي تجترحها الأفراد والأمم.
(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) هذا خطاب المهاجرين يذكرهم فيه سبحانه بما كان من ضعفهم وقلتهم، وقد يكون الخطاب للمؤمنين عامة فى عصر التنزيل يذكّرهم فيه بما كان من ضعف أمتهم العربية فى الجزيرة بين الدول القوية من فارس والروم.
(تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) أي تخافون من مبدإ الإسلام إلى حين الهجرة أن يتخطفكم مشركو العرب من قريش وغيرها، والمراد أن ينتزعوكم بسرعة فيفتكوا بكم كما كان يتخطف بعضهم بعضا فى خارج الحرم وتتخطفهم الأمم من أطراف جزيرتهم كما قال تعالى:«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ» .
(فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي فآواكم أيها المهاجرون إلى الأنصار وأيدكم وإياهم بنصره فى غزواتكم، وسيؤيدكم على من سواكم من فارس والروم وغيرهما كما وعدكم بذلك فى كتابه الكريم، ورزقكم من الطيبات