وحديث ذلك المكر الذي ترتبت عليه الهجرة إلى المدينة، وبها ظهر الإسلام وخذل الشرك
روى من طرق عدة أقربها رواية ابن إسحاق فى سيرته قال: إن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة واعتراضهم إبليس فى صورة شيخ جليل، فلما رأواه قالوا من أنت؟ قال شيخ من أهل نجد سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم منى رأى ونصح، قالوا أجل فادخل، فدخل معهم، فقال: انظروا فى شأن هذا الرجل فو الله ليوشكنّ أن يؤاتيكم فى أمركم بأمره، فقال قائل: احبسوه فى وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير والنابغة فإنما هو كأحدهم، فقال عدو الله الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأى والله ليخرجن رائد من محبسه لأصحابه فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم، فانظروا فى غير هذا الرأى، فقال قائل: فأخرجوه من بين أظهركم فاستريحوا منه، فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وأين وقع، وإذا غاب عنكم أذاه استرحتم منه، فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وكان أمره فى غيركم، فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأى، ألم تروا حلاوة قوله وطلاقة لسانه وأخذه للقلوب بما تسمع من حديثه، والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب لتجمعنّ إليه ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم، قالوا صدق والله، فانظروا رأيا غير هذا، فقال أبو جهل والله لأشيرن عليكم برأى لا أرى غيره قالوا وما هذا؟ قال نأخذ من كل قبيلة غلاما وسطا شابا نهدا ثم يعطى كل غلام منهم سيفا صارما ثم يضربونه به ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه تفرق دمه فى القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بنى هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم، وإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل (الدية) واسترحنا وقطعنا عنا أذاه، فقال الشيخ النجدي: هذا والله هو الرأى، القول ما قال الفتى لا أرى غيره وتفرقوا على ذلك وهم مجتمعون له، فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره ألا يبيت