وهم يستخذون للدجّالين والمشعوزين، ويعتقدون بسلطة غيبية لكل من يعمل عملا لا يهتدون إلى معرفة سببه.
ثم ذكر مقال كل من الفريقين في الآخر:
(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) أي ليسوا على شىء من الدين يعتدّ به، فهم قد كفروا بالمسيح مع أنهم يتلون التوراة التي تبشر به وتذكر من الأوصاف ما لا ينطبق إلا عليه، ولا يزالون إلى اليوم يدّعون أن المسيح المبشر به فيها لمّا يأت بعد، وينتظرون ظهوره وإعادته الملك إلى شعب إسرائيل.
(وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) أي ليسوا على شىء من الدين الصحيح، ومن ثم أنكروا نبوّة المسيح المتمم لشريعتهم.
(وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) أي قالوا ذلك وكتاب كل من الفريقين ينطق بغير ما يعتقدون، فالتوراة تبشر برسول منهم يأتى بعد موسى، لكنهم خالفوها ولم يؤمنوا به، والإنجيل يقول: إنه (المسيح) جاء متمما لناموس موسى لا ناقضا له، وهم قد نقضوه.
والخلاصة- إن دينهم واحد ترك بعضهم أوّله، وبعضهم آخره ولم يؤمن به كله أحد منهم، والكتاب الذي يتلونه حجة عليهم شاهد على كذبهم.
ثم بين أنهم ليسوا ببدع فيما يقولون، بل قبلهم أمم قالت مثل مقالتهم.
(كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) أي مثل هذا القول الذي لم يبن على برهان، قال الجهلة من عبدة الأوثان لأهل كل دين: لستم على شىء والحق وراء هذه المزاعم، فهو إيمان خالص وعمل صالح لو عرفه الناس حقّ المعرفة لما تفرقوا ولا اختلفوا فى أصوله، لكنهم تعصبوا لأهوائهم فاختلفوا فيه وتفرّقوا طرائق قددا.
(فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فهو العليم بما عليه كل فريق