له عهد دون أربعة أشهر، فيكمل له أربعة أشهر، فأما من كان له عهد مؤقت فأجله إلى مدته مهما كانت، لقوله تعالى:«فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ» ولما سيأتى
فى الحديث:«ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته»
وهذا أحسن الأقوال وأقواها واختاره ابن جرير رحمه الله اه.
(فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) هذا خطاب من الله للمؤمنين مبيّن لما يجب أن يقولوه للمشركين الذين برىء الله ورسوله من عهودهم، أي قولوا لهم: سيروا فى الأرض وأنتم آمنون لا يتعرض لكم أحد من المسلمين بقتال مدة أربعة أشهر تبتدئ من عاشر ذى الحجة من سنة تسع للهجرة وهو يوم النحر الذي بلّغوا فيه هذه الدعوة، وتنتهى فى عاشر شهر ربيع الآخر من سنة عشر.
والحكمة فى تحديد هذه المدة أن يكون لديهم فسحة من الوقت للنظر والتفكر فى عاقبة أمرهم، والتخير بين الإسلام والاستعداد للقتال، إذا هم أصروا على شركهم وعدوانهم، وهذا منتهى ما يكون من السجاحة والرحمة والإعذار إلى أعدى أعدائه المحاربين، حتى لا يقال إنه أخذهم على غرة.
(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) أي واعلموا أنكم لن تعجزوا الله ولن تفوتوه فتجدوا مهربا منه إذا أنتم أصررتم على شرككم وعدوانكم لله ورسوله، بل سيسلط المؤمنين عليكم ويؤيدهم بنصره الذي وعدهم به، والعاقبة للمتقين فقد جرت سنة الله بخزي الكافرين منكم ومن غيركم فى معاداتهم وقتالهم لرسله فى الدنيا والآخرة كما جاء فى مشركى مكة ومن نحا نحوهم:«كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» .
(وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) أي هذا إعلام من الله ورسوله بالبراءة من عهود المشركين وسائر خرافات