وخلاصة ذلك- إن كانت رعاية هذه المصالح الدنيوية أولى عندكم من طاعة الله وطاعة رسوله ومن المجاهدة فى سبيله، فتربصوا بما تحبون حتى يأتى الله بعقوبة من عنده عاجلة أو آجلة.
ولا يخفى ما فى ذلك من الوعيد والتهديد، ومن الإيماء إلى أنه إذا وقع التعارض بين مصالح الدين ومصالح الدنيا وجب على المسلم نبذ الثانية وإلقاؤها وراءه ظهريا.
وبتفصيل ما تقدم فى الآية نجد أنها حوت أمورا ثمانية من أفضل ما يحب.
(ا) حب الأبناء للآباء وهو غريزى فى النفوس فالولد بضعة من أبيه يرث بعض صفاته وطبائعه من جسمية وخلقية، وقد كان العرب يتفاخرون بآبائهم فى أسواقهم وفى معاهد الحج كما قال تعالى حاثا على ذكره:«فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً» .
(ب) حب الآباء للأبناء وهو غريزى أيضا، وحب الوالد للولد أقوى وأبقى من عكسه، فهو يحرص على بقائه كما يحرص على نفسه أو أشد، ويحرم نفسه كثيرا من الطيبات إيثارا له بها فى حاضر أمره ومستقبله، ويكابد الأهوال ويركب الصعاب، ويقوم بتربيته وتعليمه، إذ هو مناط الآمال وزينة الحياة كما قال تعالى:
(ج) حب الإخوة وهو يلى فى المرتبة حب البنوة والأبوة، وهو حب يقتضيه التناصر والتعاون فى الكفاح فى الحياة، والبيوت التي سلمت فطرة أهلها وكرمت أخلاقهم يحبون إخوتهم كأنفسهم وأولادهم، ويوقّرون كبيرهم، ويرحمون صغيرهم، ويكفلون من يتركه أبوه صغيرا فيتربى مع أولادهم كأحدهم.
(د) حب الزوجة وبالزوجية يتحد بشران يتمم وجود كل منهما وجود الآخر