لا يصدّقون بالله ولا يقرّون بتوحيده ولا باليوم الآخر، فهؤلاء يرون بذل المال مغرما يفوّت عليهم بعض المنافع، وهم لا يرجون ثوابا عليه كما يرجو المؤمنون، ويرون الجهاد بالنفس آلاما ومتاعب، وقد وقع لهم الريب والشك فى الدين من قبل، فلم تطمئنّ به قلوبهم، ولم تذعن له نفوسهم، فهم متحيّرون فى أمرهم مذبذبون فى عملهم، يوافقون المؤمنين فيما يسهل أداؤه من عبادات الإسلام من صلاة وصيام، ويلتمسون الخلاص فيما يشق عليهم من تكاليفه، ويعتذرون بالمعاذير الكاذبة للهرب من القيام بشىء منها.
وقد جاء فى بعض الروايات أن عدد هؤلاء كان تسعة وثلاثين رجلا.
(وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) أي ولو صحت بيتهم للخروج لاستعدوا له وأخذوا الأهبة من زاد وراحلة ونحو ذلك مما يحتاج إليه المسافر لمثل هذا السفر البعيد وقد كانوا مستطيعين لذلك ولم يفعلوا.
(وَلكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) الانبعاث: توجيه الإنسان أو الحيوان إلى الشيء بقوة كبعث الرسل وبعث الموتى، والتثبيط: التعويق عن الأمر والمنع منه.
أي كره الله نفرهم وخروجهم مع المؤمنين لما فيه من الضرر العائق لهم عما أحبه من نصرهم، فثبطهم بما أحدث فى قلوبهم من المخاوف التي هى مقتضى سننه من تأثير النفاق فيها، ومن ثم لم يعدّوا للخروج عدته، لأنهم لم يريدوه، وإنما أرادوا بالاستئذان ستر ما عزموا عليه من المخالفة والعصيان.
(وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ) أي وقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بعبارة تدل على السخط لا على الرضا، أي اقعدوا مع الأطفال والزّمنى والعجزة والنساء وهم قد حملوه على ظاهره لموافقته لما يريدون.