أن يتكلموا بما لا ينبغى أن يقال ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذيرهم بالأيمان ليعذروهم ويرضوا عنهم.
وفى كثرة الاعتذار والحلف للمؤمنين فى كل ما يعلمون أنهم متهمون به من قول أو فعل ليرضوهم فلا يخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم- دليل على أنهم شعروا بظهور نفاقهم وافتضاح أمرهم.
(وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) أي والحال أن الله ورسوله أحق بالإرضاء من المؤمنين، فإن المؤمنين قد يصدقونهم فيما يحلفون عليه إذا لم يكن كذبهم فيه ظاهرا معلوما باليقين، ولكن الله لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، فيوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب ما فيه المصلحة للمؤمنين.
وفى التعبير بيرضوه دون يرضوهما إشعار بأن إرضاء رسوله هو عين إرضائه تعالى، لأنه إرضاء له فى اتباع ما أرسله به.
(إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ) أي إن كانوا مؤمنين كما يدّعون ويحلفون- فليرضوا الله ورسوله وإلا كانوا كاذبين.
وفى الآية عبرة للمنافقين فى زماننا وفى كل زمان، إذ يحلفون حين الحاجة إلى تأكيد أخبارهم فيما يحاولون به إرضاء الناس، وبخاصة الملوك والوزراء الذين يتقربون إليهم فيما لا يرضى ربهم، بل فيما يسخطه بأخس الوسائل وأقذر السبل.
ثم وبخهم على ما أقدموا عليه مع علمهم بوخامة عاقبته بقوله:
(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها) أي ألم يعلم هؤلاء المنافقون أن الأمر الحق الذي لا شك فيه أن من يحادد الله ورسوله بتعدي حدوده أو يلمز الرسول فى أعماله كقسمة الصدقات، أو فى أخلاقه وشمائله كقولهم هو أذن- فجزاؤه جهنم يصلاها يوم القيامة خالدا فيها أبدا لا مخلص له منها.