إلى ذلك، ولم يكن سببا لتفريق جماعتهم، فكثير من المساجد المتقاربة فى القاهرة وغيرها من الأمصار الأخرى لم تبن لوجه الله بل كان الباعث على ينائها الرياء واتباع الأهواء من جهلة الأفراد والأثرياء وعدم نصح العلماء لهم.
(٤) الانتظار والترقب لمن حارب الله ورسوله أن يجىء محاربا فيجد مكانا مرصدا له، وقوما راصدين مستعدين للحرب معه، وهم أولئك المنافقون الذين بنوا هذا المسجد مرصدا لذلك.
(وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي وليحلفن ما أردنا ببنائه إلا الخصلة التي تفوق غيرها فى الحسن، وهى الرفق بالمسلمين وتيسير صلاة الجماعة على أولى العجز والضعف ومن يحبسهم المطر منهم، ليصدقهم الرسول صلى الله عليه وسلم وليصلى معهم، والله يعلم إنهم لكاذبون فى إيمانهم لأنهم ما بنوه إلا للسوءى وضرار مسجد قباء.
(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) أي لا تقم فى هذا المسجد للصلاة أبدا.
(لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) أي إن مسجدا قصد ببنائه منذ وضع أساسه فى أول يوم تقوى الله بإخلاص العبادة له وجمع المؤمنين فيه على ما يرضيه من التعارف والتعاون على البر والتقوى- هو أحق من غيره أن تقوم فيه أيها الرسول مصليا بالمؤمنين.
والسياق يدل على أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء، ولكن
روى أحمد ومسلم والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عنه فأجاب بأنه مسجده الذي فى المدينة
، والآية لا تمنع إرادة كل من المسجدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بنى كلا من المسجدين ووضع أساسه على التقوى من أول يوم شرع فيه ببنائه.
(فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) أي فيه رجال يعمرونه بإقامة الصلاة وذكر الله وتسبيحه فيه بالغدو والآصال، ويحبون أن يتطهروا بذلك مما يعلق بأنفسهم من أوضار الذنوب والآثام، كما تطهر المتخلفون منهم من غزوة تبوك بالتوبة والصدقات، ويتبع