وروى ابن مردويه عن أبى هريرة مرفوعا «من سل سيفا فى سبيل الله فقد بايع الله»
وروى ابن أبى حاتم عن الحسن قال:«ما على ظهر الأرض مؤمن إلا وقد دخل فى هذه البيعة»
وفى رواية «اسعوا إلى بيعة بايع الله بها كل مؤمن. إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم» .
ثم بين صفة تسليم البيع فقال:
(يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) أي إنهم يقاتلون فى سبيل الحق والعدل التي توصل إلى مرضاة الله تعالى ببذل أنفسهم وأموالهم فيكونون إما قاتلين لأعدائه الصادين عن سبيله، وإما مقتولين شهداء فى هذه السبيل، ولا فرق بين القاتل والمقتول فى الفضل والمثوبة عند الله، فكل منهما كان فى سبيله ولم يكن رغبة فى سفك الدماء، ولا حبّا للأموال ولا توسلا إلى ظلم العباد كما يفعل الذين يقاتلون لأغراض الدنيا من الملوك والأمراء.
(وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) أي وعدهم وعدا أوجبه على نفسه وجعله حقا وأثبته فى التوراة والإنجيل، وضياعه منهما فى النسخ التي بين يدى أهل الكتاب لا يضير فى ذلك لأنه قد ضاع منهما كثير وحرّف بعضهما لفظا ومعنى، ويكفى إثبات القرآن لذلك وهو المهيمن عليهما.
(وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ؟) أي لا أحد أوفى بعهده وأصدق فى إنجاز وعده من الله، إذ لا يمنعه من ذلك عجز عن الوفاء ولا يعرض له تردد ولا رجوع عما يريد إمضاءه من شأنه.
(فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) أي فإذا كان الأمر على هذه الحال فأظهروا السرور على ما فزتم به من الجنة.
(وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي وذلك الفوز الذي لا فوز أعظم منه، وما يتقدمه من النصر والسيادة والملك لا يعد فوزا إلا بكونه وسيلة لإقامة الحق والعدل.