قال الحافظ بن حجر فى شرح البخاري: إن زيدا لم يكن يعتمد فى جمع القرآن على علمه ولا يقتصر على حفظه، واكتفاؤه بخزيمة وحده إنما كان لأنه لم يجدهما مكتوبتين عند غيره، وإن كانتا محفوظتين عنده وعند غيره، وحسبك دليلا على ذلك قوله:
إنهم كانوا يسمعون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، فهو صريح فى أن البحث عمن كتبها فقط اه.
فجملة القول إن الآيتين كانتا محفوظتين ومكتوبتين ومعروفتين لكثير من الصحابة وإنما اختلفوا حين الجمع فى موضع كتابتهما حتى شهد من شهد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعهما فى آخر سورة براءة، وفاقا لقول أبىّ بن كعب وهو أحد الذين تلقّوا القرآن كله مرتبا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا زيد بن ثابت وكان عدد المختلفين فى موضعهما قليلا، فلما كتبتا فى المصاحف وافق الجميع على وضعهما هذا، ولم يروا أىّ اعتراض على ذلك ممن كتبوا لأنفسهم مصاحف اعتمدوا فيها على حفظهم كابن مسعود رضى الله عنه.