(أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي أولئك الذين سلف ذكرهم مأواهم فى الآخرة النار جزاء ما اجترحوا من السيئات طوال حياتهم، فهم قد دنسوا أنفسهم بشرور الوثنية وظلمات الشهوات الحيوانية فلم يعد لنور الحق والخير مكان فيها، ومن ثم لا يجدون ملجأ بعد هول الحساب إلا جهنم دار العذاب.
وبعد أن أبان جزاء الفريق الأول كان من الواضح أن تستشرف نفس القارئ والسامع إلى جزاء الفريق الثاني فقال:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) أي إن الذين آمنوا بما يجب الإيمان به ولم يغفلوا عن الآيات التي غفل عنها الغافلون ورجوا لقاء ربهم وخافوا حسابه وعقابه، يهديهم ربهم بسبب إيمانهم صراطه المستقيم فى كل ما يعملون وينتهى ذلك بهم إلى دخول الجنة التي أعدها لعباده المخبتين.
وفى هذا إيماء إلى أن الإيمان والعمل الصالح هما سبب الهداية والفوز برفيع الدرجات والوصول إلى أقصى الغايات.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي تجرى من تحت غرفهم فى الجنات ومن تحت الأشجار.
(دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي إنهم يبدءون كل دعاء وثناء عليه تعالى يناجونه به بهذه الكلمة (سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ) أي تنزيها وتقديسا لك يا الله، وأن تحيتهم فيها كلمة (سَلامٌ) الدالة على السلامة من كل مكروه، وهى تحية المؤمنين فى الدنيا.
وهذه التحية تكون منه عز وجل حين لقائه كما قال فى سورة الأحزاب:«تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ» ومن الملائكة لهم عند دخول الجنة كما قال: «وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» وتكون منهم بعضهم لبعض كما قال: