(وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) أي وما كان من شأنهم ولا من مقتضى استعدادهم أن يؤمنوا لأنهم قد مرنوا على الكفر وصار ديدنهم حب الشهوات واللذات من الجاه والرياسة والظلم والفسق والفجور.
(كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) أي ومثل هذا العذاب الشديد وهو الاستئصال نجزيه لكل قوم مجرمين.
وفى هذا وعيد شديد لأهل مكة على تكذيبهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعد أولئك الأقوام بما آتيناكم فى هذا الدين من أسباب الملك والحكم، إذ فى شريعتكم ما به سعادة الأمة فى دينها ودنياها.
وفى الآية بشارة لهذه الأمة بأنها ستخلفهم فى الأرض إذا آمنت به واتبعت النور الذي أنزل معه كما قال «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» ولقد صدق الله وعده فملكهم ملك الأكاسرة والقياصرة والفراعنة وكثير من الأمم غيرها.
(لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) أي لنرى ماذا تعملون فى خلافتكم فنجازيكم به بمقتضى سنتنا فيمن قبلكم، كما قال «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» وجاء فى الأثر «إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون» وقال قتادة:
صدق الله ربنا، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا بالليل أو النهار.
وفى ذلك إيماء إلى أن هذه الخلافة منوطة بالأعمال حتى لا يغتروا بماسينالونه ويظنوا أنه باق لهم وأنهم يتفلتون من سننه تعالى فى الظالمين.