للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد ثبت أن أشد أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أبو جهل قال: إن محمدا لم يكذب على بشر قط، أفيكذب على الله؟.

(وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي ولكن كان تصديق الذي تقدمه من الوحى لرسل الله تعالى بالإجمال كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم بدعوته إلى أصول الدين الحق من الإيمان بالله واليوم الآخر وصالح الأعمال بعد أن نسى بعض هذا بقية أتباعهم وضلّوا عن بعض، ولم يكن محمد النبي الأمى يعلم شيئا من ذلك لولا الوحى عن ربه.

(وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) أي وتفصيل ما كتب وأثبت من الشرائع والأحكام والعبر والمواعظ وشئون الاجتماع.

(لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا ينبغى لعاقل أن يرتاب فيه لوضوح برهانه، لأنه الحق والهدى.

(مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي من وحيه لا افتراء من عند غيره ولا اختلافا كما قال:

«وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً» .

وبعد أن أبان أنه أجلّ وأعظم من أن يفترى لعجز الخلق عن الإتيان بمثله.

انتقل إلى حكاية زعم هؤلاء الجاهلين والمعاندين الذين قالوا: إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد افتراه وفنّد مزاعمهم وتعجّب من حالهم وشنيع مقالهم وتحداهم أن يأتوا بمثله فقال:

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ما كان ينبغى أن تقولوا إن محمد صلى الله عليه وسلم افتراه من عند نفسه واختلقه، إذ لو كان الأمر كما تقولون وأنه اختلقه وافتراه، فأتوا بسورة مثله فى نظمه وأسلوبه وعلمه مفتراة فى موضوعها، لا تلتزمون أن تكون حقا فى أخبارها، فإن لسانه لسانكم، وكلامه كلامكم، وأنتم أشد مرانا وتمرسا للنثر والنظم منه، واطلبوا من يعينكم على ذلك من دون الله، ولن تستطيعوا أن تفعلوا شيئا، فإن جميع الخلق عاجزون عن

<<  <  ج: ص:  >  >>