(فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي فإذا جاء رسولهم وبلّغهم ما يجب عليهم معرفته من أمور دينه، لم يبق لهم حينئذ عذر فى مخالفته، فهنالك فى يوم الحساب يقضى الله تعالى بينهم بالعدل ولا يظلمون فى قضائه شيئا مما سيحل بهم من عذاب لا يكون ظلما لهم، لأنه من قبل أنفسهم وهم الذين دنسوها بسيء الأعمال فاستحقوا على ذلك شديد العقاب.
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ويقول كفار قريش للرسول صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه من المؤمنين مكذبين له فيما أخبرهم به من نزول العذاب بالأعداء والنصرة للأولياء: متى يقع هذا الوعد الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين فى قولكم: إن الله تعالى سينتقم لكم منا وينصركم علينا: أي فى نحو ما جاء فى قوله:
وقد لقن الله رسوله صلى الله عليه وسلم الجواب عن هذا السؤال بقوله:
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ) أي قل أيها الرسول لمن يستعجل الوعيد ويقول لك متى هذا الوعد. إنى بشر رسول لا أملك لنفسى فضلا عن غيرى شيئا من التصرف فى الضر فأدفعه عنها، ولا شيئا من النفع فأجلبه لها من غير طريق الأسباب التي يقدر عليها غيرى، وليس منها إنزال العذاب بالكفار المعاندين ولا بذل النصر والمعونة للمؤمنين، لكن ما شاء الله تعالى من ذلك يكون متى شاء ولا شأن لى فيه، لأنه خاص بمقام الربوبية دون الرسالة التي من وظيفتها التبليغ لا التكوين.
وقد جاء فى معنى الآية قوله:«قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .