(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) أي فإن آمنوا الإيمان الصحيح بالله وبما أنزل على النبيين والمرسلين، كما نؤمن به نحن وتركوا ما هم عليه من ادّعاء حلول الله فى بعض البشر وكون رسولهم إلها أو ابن إله، فقد اهتدوا إلى الحق وأصابوه كما اهتديتم.
ذاك أنه قد طرأ على إيمانهم بالله نزعات الوثنية وأضاعوا لباب ما أنزل على الأنبياء وهو الإخلاص والتوحيد وتزكية النفس، وتمسكوا برسوم العبادات ونقصوا منها وزادوا عليها مما بعدوا به عن مقاصد الأديان من حيث يدعون العمل بها كاملة غير منقوصة.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) أي وإن أعرضوا عما تدعوهم إليه من الرجوع إلى أصل الدين ولبّه، وفرّقوا بين رسل الله فصدّقوا ببعض وكفروا ببعض، فإن أمرهم يكون محصورا في المشاقّة والعداوة وكل ما يوسع مسافة الخلف بينكم وبينهم.
(فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي فسيكفيك الله إيذاءهم وسيّئ مكرهم ويؤيد دعوتك وينصرك عليهم نصرا مؤزرا.
وقد أنجز الله وعده للنبى والمؤمنين، فقتل وسبى بنى قريظة، ونفى بنى النّضير إلى الشام، وضرب الجزية على نصارى نجران، وهو سميع لما يقولون بألسنتهم ويبدو بأفواههم من الدعوة إلى الكفر والضلال، عليم بما يبطنون لك ولأصحابك المؤمنين من الحسد والبغضاء.
(صِبْغَةَ اللَّهِ) أي صبغنا الله وفطرنا على الاستعداد للحق والإيمان بما جاء به الأنبياء والمرسلون، ولا نتبع آراء الرؤساء وأهواء الزعماء وتقاليدهم الوضعية، وهو زينتنا التي بها نتحلى كما يتحلى الثوب بالصبغ.
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) أي لا أحد تكون صبغته أحسن من صبغة الله، فإنه هو الذي يصبغ عباده بالإيمان، ويطهرهم به من أدران الكفر، وينجيهم من