(فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي فاسألوه أن يغفر لكم ما تقدم من ذنوبكم بإشراككم به سواه، وبما اجترحتم من الآثام، ثم ارجعوا إليه بالتوبة كلما فرط منكم ذنب عسى أن يغفر لكم.
(إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) أي قريب من عباده لا يخفى عليه استغفارهم ولا الباعث عليه ومجيب لدعاء من دعاه وسأله إذا كان مؤمنا مخلصا.
ونحو الآية ما تقدم فى سورة البقرة من قوله «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ» .
ثم ذكر ما ردوا به عليه.
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) أي قد كنت عندنا موضع الرجاء لمهام أمورنا لما لك من رجاحة عقل وأصالة رأى، ولحسبك ونسبك قبل هذه الدعوة التي تطلب بها إلينا أن نبدل ديننا زعما منك أنه باطل، فالآن قد انقطع رجاؤنا منك ثم ذكروا أسباب انقطاع رجائهم بقولهم:
١- (أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) أي عجيب منك أن تنهانا عن عبادة ما كان يعبد آباؤنا من قبلنا، وقد سرنا نحن على نهجهم ولم ينكره أحد علينا ولم يستقبحه، فكيف تنكره؟.
٢- (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) أي وإنا لفى شك من دعوتك إلى عبادته تعالى وحده دون أن نتوسل إليه بأحد من الشفعاء المقربين عنده، ولا أن نعظم ما وضعه آباؤنا لهم من صور وتماثيل تذكّرنا بهم، فكل هذا يوجب الريب والتهمة وسوء الظن وعدم الطمأنينة إلى دعوتك.
فأجابهم صالح:
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) أي أخبرونى عن حالى معكم إن كنت على برهان وبصيرة من ربى مالك أمرى وآتاني من قبله رحمة خاصة من عنده جعلنى بها نبيّا مرسلا إليكم.