تعتمدون عليه فتقروهم على ظلمهم وتوالوهم فى شئونكم الحربية وأعمالكم الدينية، فإن الظالمين بعضهم أولياء بعض.
وخلاصة ذلك- لا تستعينوا بالظلمة فتكونوا كأنكم رضيتم عن أعمالهم، فإن فعلتم ذلك أصابتكم النار التي هى جزاء الظالمين بسبب ركونكم إليهم والاعتزاز بهم والاعتماد عليهم، والركون إلى الظلم وأهله ظلم «وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» .
وليس لكم فى هذه الحال التي تركنون فيها إليهم غير الله وليّا ينقذكم ويخلصكم من عذابه، ثم لا تنصرون: أي لا ينصركم الله لأن الذين يركنون إلى الظالمين يكونون منهم وهو لا ينصر الظالمين كما قال «وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ» بل تكون عاقبتكم الحرمان مما وعد الله رسله ومن ينصره من المؤمنين.
والخلاصة- إن الركون إلى الظالمين المنهي عنه هو الاعتماد على أعداء المؤمنين الذين يفتنونهم ويصدونهم عن دينهم، ويؤيده ما روى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه فسر الظلم هنا بالشرك، والذين ظلموا بالمشركين، وقيل إنها عامة فى الظلمة من غير فرق بين كافر ومسلم، ولو فرضنا أن سبب النزول هم المشركون، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ومن ابتلى بمخالطة الظلمة فليزن أقوالهم وأفعالهم بميزان الشرع، فإن زاغوا عن ذلك فعلى أنفسهم قد جنوا، وطاعتهم واجبة على كل من دخل تحت أمرهم ونهيهم فى كل ما يأمرون به ما لم يكن فى معصية الله، فمن أمروه أن يدخل فى شىء من الأعمال التي وكلها إليهم كالمناصب الدينية ونحوها فليدخل فيه إذا وثق من نفسه القدرة على القيام به، إلى أنه يجب الأخذ على أيدى الظالمين عامة وعلى أئمة الجور والأمراء خاصة ويجب تغيير المنكر أولا باليد فإن لم يستطع ذلك فباللسان، وإلا فبالقلب، وذلك أضعف الإيمان،
روى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن أبى بكر أنه قام فحمد الله