يسرق بنيامين فقد سرق أخوه يوسف من قبل، فالسرقة جاءت وراثة من أمهما إذ هما لا ينفردان منا إلا بها. وفى قولهم هذا إيماء إلى أن الحسد لا يزال كامنا فى قلوبهم، لاختلاف الأمهات، ولمزيد محبة الأب لهما.
وأصح ما قيل فى سرقة يوسف مارواه ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعا قال:
سرق يوسف عليه السلام صنما لجده أبى أمه من ذهب وفضة فكسره وألقاه فى الطريق فعيره بذلك إخوته.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان أول ما دخل على يوسف عليه السلام من البلاء فيما بلغني أن عمته وكانت أكبر ولد إسحاق عليه السلام وكانت إليها منطقة إسحاق إذ كانوا يتوارثونها بالكبر، وكان يعقوب حين ولد له يوسف عليه السلام قد حضنته عمته فكان معها، فلم يحب أحد شيئا من الأشياء كحبها إياه حتى إذا ترعرع ووقعت نفس يعقوب عليه السلام عليه فأتاها فقال يا أخية سلمى إلىّ يوسف، فو الله ما أقدر على أن يغيب عنى ساعة قالت: فو الله ما أنا بتاركته فدعه عندى أياما أنظر إليه، لعل ذلك يسلينى عنه، فلما خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحاق عليه السلام فحزمتها على يوسف عليه السلام من تحت ثيابه، ثم قالت فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها ومن أصابها؟ فالتمست ثم قالت:
اكشفوا أهل البيت فكشفوهم فوجدوها مع يوسف عليه السلام، فقالت والله إنه لسلم لى أصنع فيه ما شئت، فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل فهو سلم لك ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت.
وهذا هو الذي عناه إخوته بقولهم (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) وهذه الروايات لا يوثق بها كما لا يدل شيء منها على سرقة حقيقية.
(فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ) أي فأضمر مقالتهم فى نفسه ولم يجبهم عنها.
(وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) أي ولم يؤاخذهم بها لا قولا ولا فعلا صفحا عنهم وحلما.