مقتضية لك، فقد كنت أنتظر أن يأتونى من مصر ببشرى لقاء يوسف، فخاب أملى وحل محله ذهاب ابني المسلّى عنه، ولم يشرك معه بنيامين بالأسف عليه، لأن مكان حب يوسف والرجاء فيه قد ملأ سويداء القلب وزواياه، ومحل غيره دون ذلك.
(وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) أي أصابتهما غشاوة بيضاء غطت على البصر مع بقاء العصب الذي يدرك المبصرات سليما معافى، قال الدكتور عبد العزيز إسماعيل باشا:
البياض المصحوب بضياع البصر غالبا معناه (الجلوكوما) والمعروف عند الاختصاصيين فى أمراض العيون أن أهم سبب لها هو التغيرات فى الأوعية الشعرية نتيجة لأسباب كثيرة، من أهمها الانفعالات العصبية (كما يحدث فى زيادة ضغط الدم) لا سيما الحزن (الدكتور مار) اه.
(فَهُوَ كَظِيمٌ) أي مملوء غيظا على أولاده، يردد حزنه فى جوفه ولا يتكلم بسوء والحزن عرض طبيعى للنفس ولا يذم شرعا إلا إذا بلغ بصاحبه أن يقول أو يفعل ما لا يرضى الله تعالى، ومن ثم
قال النبي صلى الله عليه وسلّم عند موت ولده إبراهيم وقد جعلت عيناه تذر فان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله:«يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى فقال: «إن العين، تدمع وإن القلب ليخشع، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم محزون» رواه الشيخان وغيرهما.
وفى التفسير بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن داود عليه السلام قال: يا رب إن بنى إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب، فاجعلنى لهم رابعا، فأوحى الله إليه أن: يا داود إن إبراهيم ألقى فى النار بسببى فصبر، وتلك بلية لم تنلك، وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببى فصبر، وتلك بلية لم تنلك، وإن يعقوب أخذ منه حبيبه فابيضّت عيناه من الحزن، وتلك بلية لم تنلك»
قال الحافظ ابن كثير: وهذا حديث مرسل وفيه نكارة، فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح اه