للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ، وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ)

أي والذين لم يطيعوا الله ولم يمتثلوا أوامره ولم ينتهوا عما نهى عنه لهم ألوان وأنواع من العذاب منها:

(١) إنهم من شدة ما يرون من هول العذاب لو استطاعوا أن يجعلوا ما فى الأرض جميعا ومثله معه فدية لأنفسهم لفعلوا، فإن المحبوب أولا لكل إنسان هوذاته، وما سواها فيحبّ لكونه وسيلة إلى مصالحها، فإذا كان مالكا لهذا العالم كله ولما يساويه جعله فداء لنفسه.

وفى هذا من التهويل الشديد ومن سوء ما يلقاهم فى ذلك اليوم، ما لا يخفى على من اعتبر وتذكر.

(٢) سوء الحساب، فيناقشون على الجليل والحقير،

وفى الحديث «من نوقش الحساب عذب»

ذاك أن كفرهم أحبط أعمالهم، وارتكابهم للشرور والآثام ران على قلوبهم وجعلها تستمرئ الغواية والضلالة، وحبهم للدنيا جعلهم يعرضون عما يقربهم إلى الله زلفى فباءوا بالخسران والهوان والنكال.

(٣) إن مأواهم جهنم وبئس المسكن مسكنهم يوم القيامة، إذ أنهم غفلوا عما يقربهم إلى ربهم وينيلهم كرامته ورضوانه، واتبعوا أهواءهم وانغمسوا فى لذاتهم فحقت عليهم كلمته (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) .

ونزل فى حمزة رضى الله عنه وأبى جهل كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى:

(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) أي لا يستوى من يعلم أن الذي أنزله الله عليك من ربك هو الحق الذي لا شك فيه ولا امتراء. ومن لا يعلم فهو أعمى، لا يهتدى إلى خير يفهمه، ولو فهمه ما انقاد إليه ولا صدقه، فيبقى حائرا فى ظلمات الجهل وغياهب الضلالة.

قال قتادة: هؤلاء قوم انتفعوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووعوه، وهؤلاء كمن هو أعمى عن الحق، فلا يبصره ولا يعقله اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>