(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) أي تلك العقبى هى جنات إقامة، يخلّدون فيها لا يخرجون منها أبدا.
ثم ذكر ما يكون فيها من الأنس باجتماع الأهل والمحبين الصالحين فقال:
(وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي ويجمع فيها بينهم وبين أحبابهم من الآباء والأزواج والأبناء ممن عمل صالحا لتقربهم أعينهم، ويزدادوا سرورا برؤيتهم، حتى لقد ورد أنهم يتذاكرون أحوالهم فى الدنيا فيشكرون الله على الخلاص منها.
وفى الآية إيماء إلى أنه فى ذلك اليوم لا تجدى الأنساب إذا لم يسعفها العمل الصالح، فالآباء والأزواج والذرية لا يدخلون الجنة إلا بعملهم، وقد أشار إلى ذلك الكتاب الكريم:«يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» .
وفى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلّم وهو فى مرض موته قال لفاطمة: «يا فاطمة بنت محمد، سلينى من مالى ما شئت، لا أغنى عنك من الله شيئا» .
ثم ذكر ما لهم من الكرامة فيها بتسليم الملائكة عليهم فقال:
(وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) أي وتدخل عليهم الملائكة من هاهنا وهنا للتسليم عليهم، والتهنئة بدخول الجنة، والإقامة فى دار السلام، فى جوار الصدّيقين والأنبياء والرسل الكرام.
(سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) أي قائلين لهم: أمان عليكم من المكاره والمخاوف التي تحيق بغيركم، بما احتملتم من مشاقّ الصبر ومتاعبه والآلام التي لا قيتموها فى دار الحياة الدنيا.
(فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) أي فنعم عاقبة الدنيا الجنة.
أخرج ابن جرير «أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأتى قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول: «سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار» ، وكذا كان يفعل «أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم» .