للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تدّعون لوجب أن تخالفونا فى الحاجة إلى الأكل والشرب وقربان النساء وما شاكل ذلك.

(٢) (تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) ولا حجة لكم على ما تدّعون، وليس من حصافة العقل أن نترك أمرا قبل أن يقوم الدليل على خطئه.

(٣) (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة ظاهرة تدل على صحة ما تدّعون من النبوة، أما ذكر السموات والأرض وعجائبهما فلسنا نحفل بهما، والعجائب الأرضية والسماوية لا نعقلها، والبشر لا يخضعون إلا لمن يأتى لهم بما هو خارج عن طور معتادهم، وحينئذ يعظّمونه ويبجّلونه، وهذه المشاهدات لا نرى فيها شيئا خارقا للعادة، وإذا فلا إيمان ولا تسليم إلا بما هو فوق طاقتنا، كقلب العصا حية ونقل الجبال وما إلى ذلك.

وبعد أن حكى عن الكفار شبهاتهم فى الطعن فى النبوة حكى عن الأنبياء جوابهم عنها فأجابوا عن الأولى والثانية بالتسليم، لكن التماثل لا يمنع من اختصاص بعض البشر بمنصب النبوة، لأن هذا منصب يمن الله به على من يشاء من عباده، كما لا يمتنع من أن يخص بعض عباده بالتمييز بين الحق والباطل والصدق والكذب، وأن يحرم الجمع العظيم منه، وهذا ما أشار إليه بقوله:

(قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) وأجابوا عن الشبهة الثالثة بأن ما جئنا به حجة قاطعة وبينة ظاهرة على صدق رسالتنا، وما اقترحتموه من الآيات فأمره إلى الله إن شاء أظهره وهو زائد على قدر الكفاية، وذلك ما أومئوا إليه بقولهم:

(وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أي بمشيئته وإرادته، وليس ذلك فى قدرتنا.

وبعد أن أجابهم الأنبياء عن شبهاتهم أخذ المشركون يخوفونهم ويتوعدونهم بالانتقام منهم وإيذائهم قدر ما يستطيعون، فقال لهم الأنبياء إنا لا نخاف تهديدكم

<<  <  ج: ص:  >  >>