ولا لسان، يكون ممن يستحق وعيد الآية، وقد لعن الله الذين كفروا من بنى إسرائيل وبين سبب لعنهم بقوله:«كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ» فمنه ترى أن الأمة كلها قد لعنت لتركها التناهى عن المنكر، فيجب إذا أن تكون في الأمة جماعة تقوم بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كما قال:«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» .
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي إلا من أناب عن كتمانه، وراجع التوبة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وأقر بنبوته، وصدّق ما جاء به من عند الله، وأصلح حال نفسه بالتقرّب إلى الله بصالح الأعمال، وبيّن ما علم من وحي الله إلى أنبيائه، وما عهد إليهم في كتبه، فلم يكتمه ولم يخفه، فهؤلاء يتوب الله عليهم ويفيض عليهم مغفرته تفضلا منه ورحمة، وهو الذي يرجع قلوب عباده المنصرفة عنه ويردها إليه بعد إدبارها عن طاعته، وهو الرّحيم بالمقبلين عليه يتغمدهم برحمته ويشملهم بعفوه، ويصفح عما كانوا اجترحوا من السيئات.
وفي الآية ترغيب للقلوب الواعية التي تخاف سخط الله وشديد عقابه، فى التوبة عما فرط من الذنوب، وطرد لليأس من رحمة الله مهما ثقلت الذنوب وكثرت الآثام كما قال:«يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً» .
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) بعد أن ذكر في الآية السالفة أن الكافرين الذين كتموا الحق يستحقون اللعن، ثم أخرج من بينهم جماعة التائبين، ذكر في هذه الآية وما بعدها أن اللعن الأبدىّ الذي يلزمه الخلود في دار الذل والهوان، لا يكون إلا إذا مات صاحبه على الكفر، وحينئذ تسجل عليه اللعنة من الله والملائكة والناس جميعا، ومن بينهم أهل مذهبه، فإنهم إذا