للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجرمون ولا يؤمنون بكتابنا، وسيحل بهم مثل ما حل بالأولين وننصرك عليهم بعد حين كما قال: «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» .

ثم بين سبحانه عظيم عنادهم ومكابرتهم للحق فقال:

(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) أي ولو فتحنا على هؤلاء المعاندين بابا من السماء فظلوا فى ذلك الباب يصعدون، فيرون من فيها من الملائكة، وما فيها من العجائب- لقالوا لفرط عنادهم وغلوهم فى المكابرة: إنما سدت أبصارنا، فما نراه تخيل لا حقيقة له، وقد سحرنا محمد بما يظهر على يديه من الآيات.

ونحو الآية قوله تعالى: «وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» .

وخلاصة هذا- هبنا فتحنا عليهم بابا من السماء وقلنا لهم اعرجوا فيه، أفلا يقولون فى أنفسهم ويقول بعضهم لبعض: إنما سحرنا محمد كما يفعل علماء السيميا.

إذ يفعلون أفعالا تخيل للإنسان أنه طائر وليس بطائر، وكما يفعل علماء التنويم المغناطيسى فى هذه الأيام، فالمنوّم يقول للمنوّم: أنت ملك. أنت امرأة. أنت كذا فيصدّق كل ما قيل له. وهكذا فى النوع البشرى أقوام لهم قدرة على استهواء العقول فيخيلون للإنسان ما لا حقيقة له، وقد أصبح هذا العلم فنّا يدرس فى معاهد أوربا وأمريقا. فكيف يكون مثل هذا دليلا أو موجبا للتصديق؟ كلا فإن أمثال ذلك لا يقوم بهداية نوع الإنسان.

وبعد فكيف يقترح هؤلاء عليك الآيات، ويغرمون بما يخرق العادات، من ملائكة يرونها، وعجائب ينظرونها، وهل تغنى تلك الآيات، وهل النوع الإنسانى يكفيه ما يخالف العادات؟ فما يشتبه على الناس بأفعال السحرة والمشعوذين يوقعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>