(٥) إنه قد جهل ما خصّ به آدم من استعداده العلمي والعملي أكثر من سواه، ومن تشريفه بأمر الملائكة بالسجود له، فكان بذلك أفضل منهم وهم أفضل من إبليس بعنصر الخلقة والطاعة لربهم.
(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ. قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أمره سبحانه أمرا كونيا لا يخالف بالخروج من المنزلة التي كانت فيها من الملا الأعلى، ثم جعله مرجوما مطرودا وأتبعه لعنة لا تزال متواصلة لاحقة به متواترة عليه إلى يوم القيامة، وهو يبعث الخلق من قبورهم، فيحشرون لموقف الحساب وهو وقت النفخة الأولى، فلما تحقق النّظرة.
(قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) أي قال إبليس: رب بسبب إغوائك إياى وإضلالى لأزينن لذرية آدم واحببنّ إليهم المعاصي وأرغّبنّهم فيها ولأغوينّهم كما أغويتنى وقدّرت علىّ ذلك إلا من أخلص منهم لطاعتك، ووفقته لهدايتك، فإن ذلك ممن لا سلطان لى عليه ولا طاقة لى به.
ثم هدده سبحانه وأوعده بقوله:
(قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) أي قال هذا طريق مرجعه إلىّ، فأجازى كل امرئ بعمله، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، كما يقول القائل لمن يتوعده ويتهدده:
طريقك علىّ. وأنا على طريقك: أي لا مهرب لك منى، ونظير الآية قوله تعالى:
«إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ» .
وهذا رد لما جاء فى كلام إبليس حيث قال:«لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم.
ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم» الآية.
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) أي إن عبادى