(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) إذ لم يؤمنوا، ليقوى بمكانهم الإسلام، وينتعش بهم المؤمنون:
وقد كان صلى الله عليه وسلّم يود أن يؤمن به كل من بعث إليه، ويتمنى لمزيد شفقته عدم إصرار الكفار على كفرهم.
وبعد أن نهاه عن الالتفات إلى الأغنياء من الكفار أمره بالتواضع لفقراء المسلمين فقال:
(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي وألن جانبك، وارفق بمن آمن بك واتبعك، ولا تجف بهم، ولا تغلظ عليهم.
ونحو الآية قوله تعالى:«أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ» وقوله فى صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم» ثم بين وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلّم فقال:
(وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أي أنا النذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تماديهم فى غيهم، كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها، فانتقم الله منهم بإنزال العذاب بهم.
وفى الصحيحين عن أبى موسى أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال:«إنما مثلى ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم: إنى رأيت الجيش بعيني وإنى أنا النذير العريان، فالنّجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعنى واتبع ما جئت به، ومثل من عصانى وكذب ما جئت به من الحق» .
(كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي ولقد آتيناك سبعا من المثاني كما آتينا من قبلك من اليهود والنصارى التوراة والإنجيل، وهم الذين اقتسموا القرآن وجزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه الذي وافق كتابيهما، وكفروا ببعضه