ثم أخبر عن إلقاء المشركين تبعة أعمالهم على معبوداتهم فقال:
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) أي وإذا رأى هؤلاء المشركون بالله يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دونه من الأوثان والآلهة التي عبدوها- قالوا هؤلاء شركاؤنا فى الكفر بك، والذين كنا ندعوهم آلهة من دونك، وربما يكونون قد قالوا هذه المقالة طمعا فى توزيع العذاب بينهم، أو إحالة الذنب عليهم تعللا بذلك واسترواحا، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة. ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه.
ثم ذكر تبرأ آلهتهم منهم، وهم أحوج ما يكونون إلى نصرتهم لو كانوا ينصرون.
(فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) أي قالت لهم الآلهة: كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا، ونحو الآية قوله:«ومن أضلّ ممّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين» وقوله: «واتّخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزّا، كلّا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّا» .
(وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) أي واستسلم العابد والمعبود لله، فلا أحد إلا وهو سامع مطيع، ونحو الآية قوله:«أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا» أي ما أسمعهم وأبصرهم حينئذ، وقوله:«ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربّهم ربّنا أبصرنا وسمعنا» وقوله: «وعنت الوجوه للحىّ القيّوم» أي خضعت واستسلمت.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وذهب عنهم ما كانوا يعبدونه افتراء على الله، فلا ناصر لهم ولا معين ولا شفيع ولا ولىّ مما كانوا يزعمونه فى الدنيا كما قال تعالى حكاية عنهم:«هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ» .
وبعد أن ذكر عذاب المضادين بيّن عذاب الضالين المضلين فقال: