(فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي إنكم بعملكم هذا تكونون قد وقعتم فى محظورات ثلاثة.
(١) إنكم تضلّون وتبعدون عن محجة الحق والهدى بعد أن رسخت أقدامكم فيها (٢) إنكم تكونون قدوة لسواكم وتستنّون سنة لغيركم، فيها صدّ عن سبيل الحق، ويكون لكم بها سوء العذاب فى الدنيا، بالقتل والأسر وسلب الأموال والجلاء عن الديار.
(٣) إنكم ستعاقبون فى الآخرة أشد العقاب جزاء ما اجترحتم من مجانفة الحق والإعراض عن أهله، والدخول فى زمرة أهل الشقاء والضلال.
ثم أكد هذا التحذير بقوله:
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا) أي ولا تأخذوا فى مقابلة نقض العهد عوضا يسيرا من الدنيا، وقد كان هذا حال قوم ممن أسلموا بمكة، زين لهم الشيطان أن ينقضوا ما بايعوا رسول الله عليه، جزعا مما رأوا من غلبة قريش، واستضعافهم للمؤمنين، وإيذائهم لهم، ولما كانوا يعدونهم به من البذل والعطاء إن هم رجعوا إلى دينهم، فنبههم الله بهذه الآية ونهاهم عن أن يستبدلوا الخير العميم والنعيم المقيم فى الآخرة بما وعدوهم به من عرض الدنيا وزينتها.
ثم بين سبحانه قلة ما أخذوا، وعظيم ما تركوا بقوله:
(إِنَّما عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إن ما خبأه الله لكم، وادّخره من جزيل الأجر والثواب، هو خير لكم من ذلك العرض القليل فى الدنيا، إن كنتم من دوى العقول الراجحة، والأفكار الثاقبة التي تزن الأمور بميزان الفائدة وتقدّر الفرق بين العوضين.
ثم بين وجه خيريته ورجاحة شأنه بقوله:
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ) أي إن ما تتمتعون به من نعيم الدنيا، بل