وورد فى الأثر- الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لم يحمده.
وقد جعله رأس الشكر، لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على من أسداها، يشهرها بين الناس ويجعل صاحبها القدوة المؤتسى به، أما الشكر بالقلب فهو خفى قلّ من يعرفه، وكذلك الشكر بالجوارح منهم لا يستبين لكثير من الناس.
(لله) هو المعبود بحق لم يطلق على غيره تعالى.
(رب) هو السيد المربّى الذي يسوس من يربّيه ويدبّر شئونه.
وتربية الله للناس نوعان، تربية خلقية تكون بتنمية أجسامهم حتى تبلغ الأشد وتنمية قواهم النفسية والعقلية- وتربية دينية تهذيبية تكون بما يوحيه إلى أفراد منهم ليبلّغوا للناس ما به تكمل عقولهم وتصفو نفوسهم- وليس لغيره أن يشرع للناس عبادة ولا أن يحلّ شيئا ويحرم آخر إلا بإذن منه.
ويطلق الرب على الناس فيقال رب الدار، ورب هذه الأنعام كما قال تعالى حكاية عن يوسف صلوات الله عليه فى مولاه عزيز مصر (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) وقال عبد المطلب يوم الفيل لأبرهة قائد النجاشي: أما الإبل فأنا ربّها، وأما البيت فإن له ربّا يحميه.
(العالمين) واحدهم عالم (بفتح اللام) ويراد به جميع الموجودات، وقد جرت عادتهم ألا يطلقوا هذا اللفظ إلا على كل جماعة متمايزة لأفرادها صفات تقربها من العقلاء إن لم تكن منهم، فيقولون عالم الإنسان، وعالم الحيوان وعالم النبات، ولا يقولون عالم الحجر، ولا عالم التراب، ذاك أن هذه العوالم هى التي يظهر فيها معنى التربية الذي يفيده لفظ (رب) إذ يظهر فيها الحياة والتغذية والتوالد.
والخلاصة- إن كل ثناء جميل فهو لله تعالى إذ هو مصدر جميع الكائنات.
وهو الذي يسوس العالمين ويربيهم من مبدئهم إلى نهايتهم ويلهمهم ما فيه خيرهم وصلاحهم، فله الحمد على ما أسدى، والشكر على ما أولى:
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قد سبق أن قلنا: إن معنى الرّحمن المفيض للنعم المحسن على عباده