للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذلّ ويخضع لهما، ثم ختمها بالدعاء لهما والترحم عليهما، وهذه الخمسة الأشياء جعلها سبحانه من رحمته بهما، مقرونة بوحدانيته، وعدم الشرك به.

ولما كان بر الوالدين عسيرا حذّر من التهاون فيه فقال:

(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) أي ربكم أيها الناس أعلم منكم بما فى نفوسكم، من تعظيمكم أمر آبائكم وأمهاتكم والبر بهم، ومن الاستخفاف بحقوقهم والعقوق بهم، وهو مجازيكم على حسن ذلك وسيئه، فاحذروا أن تضمروا لهم سوءا، وتعقدوا لهم فى نفوسكم عقوقا، فإن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم ربكم فيما أمركم من البر بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم أو زلة فى واجب لهم عليكم، فإنه تعالى يغفر لكم ما فرط منكم، فهو غفار لمن يتوب من ذنبه، ويرجع من معصيته إلى طاعته، ويعمل بما يحبه ويرضاه.

وفى هذا وعد لمن أضمر البر بهم، ووعيد لمن تهاون بحقوقهم، وعمل على عقوقهم.

وبعد أن أمر بالبر بالوالدين أمر بالبر بأصناف ثلاثة أخرى فقال:

(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) أي وأعط أيها المكلّف القريب منك حقه، من صلة الرحم والمودة، والزيارة وحسن العشرة، وإن كان محتاجا إلى النفقة فأنفق عليه ما يسد حاجته. والمسكين ذا الحاجة. وابن السبيل وهو المسافر لغرض دينى، فيجب إعانته ومساعدته على سفره حتى يصل إلى مقصده.

ولما رغب سبحانه فى البذل بيّن الطريق التي تتبع فى ذلك فقال:

(وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) أي ولا تفرّق أيها الإنسان ما أعطاك الله من مال فى معصيته تفريقا، بإعطائه من لا يستحقه.

ونحو الآية قوله «وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً» .

قال عثمان بن الأسود: كنت أطوف المساجد مع مجاهد حول الكعبة فرفع رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>