وإجمال ذلك- إن الزنا فاحشة وأي فاحشة، لما فيه من اختلاط الأنساب والتقاتل والتناحر دفاعا عن العرض، وإنه سبيل سيء من قبل أنه يسوّى بين الإنسان والحيوان، فى عدم اختصاص الذكران بالإناث.
وبعد أن نهى عن قتل الأولاد للسبب المتقدم نهى عن القتل مطلقا فقال:
(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) أي ولا تقتلوا النفس التي حرم الإسلام قتلها إلا قتلا متلبسا بالحق، وهو أحد أمور ثلاثة: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل مؤمن معصوم عمدا كما جاء فى الحديث الذي رواه الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود:
«لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث:
النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة» .
(٢) إنه ضرر، والأصل فى المضارّة الحرمة لقوله:«يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»
وقوله صلى الله عليه وسلّم «لا ضرر ولا ضرار» .
(٣) إنه إذا أبيح القتل زال هذا النوع من الوجود ففتك القوى بالضعيف، وحدث الاضطراب فى المجتمع، فلا يستقيم للناس حال ولا ينتظم لهم معاش (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) أي ومن قتل مظلوما بغير حق يوجب قتله فقد جعلنا لمن يلى أمره من وارث أو سلطان عند عدم الوارث تسلطا واستيلاء على القاتل، بمؤاخذته بأحد أمرين: إما القصاص منه، وإما الدية لقوله تعالى:«كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى» الآية
ولقوله عليه الصلاة والسلام يوم الفتح «من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين، إن أحبّوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية» .
(فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) أي فلا يتجاوز الحد المشروع فيه بأن يقتل اثنين مثلا بإزاء واحد، كما كانوا يفعلون فى الجاهلية، إذ كانوا يقتلون القاتل ويقتلون معه غيره إذ كان رجلا شريفا، وأحيانا لا يرضون بقتل القاتل بل يقتلون بدله رجلا شريفا