(إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا) أي إن الله سائل ناقض العهد عن نقضه إياه، فيقال للناكث له على سبيل التبكيت والتوبيخ لم نكثت عهدك؟ وهلا وفيت به، كما يقال لوائد الموءودة: بأى ذنب قتلت؟ وقوله تعالى لعيسى عليه السلام:«أأنت قلت للنّاس اتّخذونى وأمّى إلهين؟» والمخاطبة لعيسى والإنكار على غيره.
(٢)(وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ) أي وأتموا الكيل للناس ولا تخسروهم إذا كلتم لهم حقوقهم قبلكم، فإن كلتم لأنفسكم فلا جناح عليكم إن نقصتم عن حقكم ولم تفوا بالكيل (٣)(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) أي وزنوا بالميزان العدل دون شىء من الجور أو الحيف، لأن جميع الناس محتاجون إلى المعاوضات والبيع والشراء، ومن ثم بالع.
الشارع فى المنع من التطفيف والنقصان، سعيا فى إبقاء الأموال لأربابها.
ثم بين عاقبة هذه الأوامر وحسن مآلها فقال:
(ذلِكَ خَيْرٌ) أي إيفاؤكم بالعهد، وإيفاؤكم من تكيلون له، ووزنكم بالعدل لمن توفون له، خير لكم فى الدنيا من نكثكم وبخسكم فى الكيل والوزن، لأن ذلك مما يرغّب الناس فى معاملتكم، وحب الثناء عليكم.
(وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) أي وأجمل عاقبة، لما يترتب على ذلك من الثواب فى الآخرة، والخلاص من العقاب الأليم وكثير من الفقراء الذين اشتهروا بالأمانة والبعد عن الخيانة، أقبلت عليهم الدنيا، وحصل لهم الثروة والغنى، وكان ذلك سبب سعادتهم فيها.
وبعد أن ذكر سبحانه أوامر ثلاثة نهى عن مثلها فقال:
(١)(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي ولا تتّبع أيها المرء ما لا علم لك به من قول أو فعل، وذلك دستور شامل لكثير من شؤون الحياة، ومن ثم قال المفسرون فيه أقوالا كثيرة:
(ا) قال ابن عباس: لا تشهد إلا بما رأت عيناك، وسمعته أذناك، ووعاه قلبك